ونسلهم، كيف وجد آباؤهم مغبة طاعتي، وكيف وجدوا هم مغبة معصيتي، وهل وجدوا أحداً عصاني فسعد بمعصيتي، وهل علموا أحداً أطاعني فشَقِي في طاعتي، إن الدواب إذا ذكرت أوطانها الصالحة نزعت إليها، وإن هؤلاء القوم رتعوا في مروج الهلكة، وتركوا الأمر الذي به أكرمت آباءهم، وابتغوا الكرامة من غير وجهها.
وأما أحبارهم ورهبانهم فاتخذوا عبادتي خولاً، ويحكمون فيهم بغير كتابي حتى أنسوهم ذكري وسنّتي، فدان لهم عبادي بالطاعة التي لا تنبغي إلا لي، فهم يطيعونهم في معصيتي.
وأما ملوكهم فبطروا نعمتي وأمنوا مكري. وأما فقراؤهم [وفقهاؤهم] (١) فيدرسون ما يتخيرون، فينقادون للملوك فيبايعونهم على البدع التي يبتدعون في ديني، ويطيعونهم في معصيتي، ويوفون لهم بالعهود الناقضة لعهدي فسبحان جلالي وعلو مكانتي وعظمة سلطاني وشأني، هل ينبغي أن يكون لي شريك في ملكي؟ وهل ينبغي لبشر أن يُطاع في معصيتي؟ وهل ينبغي لي أن أخْلُقَ عباداً أجعلهم أرباباً من دوني.
وأما أولاد الأنبياء فمفتونون، يخوضون مع الخائضين، يتمنون [عَلَيَّ] (٢) مثل نصري آباءهم والكرامة التي أكرمتهم بها، [ويزعمون] (٣) أنه لا أحد أولى بذلك منهم، بغير صدق منهم ولا تفكر، ولا يذكرون كيف كان نصر آبائهم في أمري

(١)... في الأصل: ووفقهاؤهم.
(٢)... زيادة من الطبري (١٥/٣٧).
(٣)... في الأصل: وزعمون. والتصويب من الطبري، الموضع السابق.
(١/١٣٠)


الصفحة التالية
Icon