ورأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً في الطواف يحمل أمه، ويقول:
إني لها مطيةٌ لا تذْعَرُ... إذا الركاب نفرتْ لا تنفر
ما حملتْ وأرضعتني أكثرُ... الله ربي ذو الجلال الأكبر
تظنني جزيتها يا ابن عمر؟ قال: لا ولا زفرةً واحدة (١).
فإن قيل: هل من سبيل إلى تحصيل فضيلة بر الوالدين وتدارك ما فات من ذلك بعد موتهما؟
قلت: نعم، وهو ما أخرجه الإمام أحمد ومسلم من حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: ((إن أبر البر صلة [المرء] (٢) أهل ودّ أبيه بعد أن يولي)) (٣).
وفي حديث أبي أسيد: ((أن رجلاً قال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبويّ شيء بعد موتهما؟ قال: نعم، خصال أربع: الدعاء لهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما)) (٤).
وقال مكحول: لا يزال الرجل قادراً على البرّ ما دام في فصيلته من هو أكبر

(١)... أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (١/٣١٢ ح٦٤٢). وذكره القرشي في مكارم الأخلاق (ص: ٧٨ ح٢٣٥). وانظر: الكشاف (٢/٦١٧).
(٢)... في الأصل: المراء. والتصويب من مصادر التخريج.
(٣)... أخرجه مسلم (٤/١٩٧٩ ح٢٥٥٢)، وأحمد (٢/٨٨ ح٥٦١٢).
(٤)... أخرجه أبو داود (٤/٣٣٦ ح٥١٤٢)، وأحمد (٣/٤٩٧).
(١/١٥٥)


الصفحة التالية
Icon