قوله تعالى: ﴿إنك لن تخرق الأرض﴾ أي: لن تشقها بشدة وطأتك.
قال ابن عباس: لن تخرق الأرض بكبرك ومشيك عليها (١).
﴿ولن تبلغ الجبال طولاً﴾ بعظمتك، وإنما أنت عبد مخلوق ذليل.
وقوله: "طولاً" مصدر في موضع الحال، إما من الفاعل أو من "الجبال" (٢).
﴿كل ذلك﴾ إشارة إلى ما تقدم ذكره مما نهي عنه ﴿كان سَيِّئَةً﴾ قال صاحب الكشاف (٣) : إن قلت: كيف قال: "سَيَّئَةً" مع قوله: "مكروهاً"؟
قلتُ: السيئة في حكم الأسماء، بمنزلة الذنب، والاسم زال عنه حكم الصفات، فلا اعتبار بتأنيثه.
وقرأ أهل الكوفة وابن عامر: "سيِّئُهُ" مضافاً غير منون (٤).
واختاره الزجاج فقال (٥) : كان أبو عمرو لا يقرأ "سَيِّئُهُ"، وهذا غلط؛ لأن في هذه الأقاصيص سَيِّئاً وغير سيء، وذلك أن فيها: ﴿وقل لهما قولاً كريماً * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾، وفيها: ﴿وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل﴾، وفيها: ﴿وأوفوا بالعهد﴾، وفيها: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/١٠٨)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٦).
(٢)... التبيان (٢/٩٢)، والدر المصون (٤/٣٩١).
(٣)... الكشاف (٢/٦٢٤).
(٤)... الحجة للفارسي (٣/٦٠)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٤٠٣)، والكشف (٢/٤٦)، والنشر في القراءات العشر (٢/٣٠٧)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٨٣)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٨٠).
(٥)... معاني الزجاج (٣/٢٤٠).
(١/١٧٠)


الصفحة التالية
Icon