وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ادذب
ثم خاطب المشركين ثم قال: ﴿وإذا مسكم الضر في البحر﴾ وهو خوف الغرق ﴿ضل﴾ أي: غاب عن أوهامكم وخواطركم ﴿مَنْ تدعون﴾ من الآلهة (١) ﴿إلا إياه﴾ علماً منكم أنه لا مُغيث غيره ولا مُنْجِي سواه.
﴿فلما نجاكم إلى البر﴾ ورأيتم مخايل (٢) الخلاص ﴿أعرضتم﴾ عن التوحيد والإخلاص ﴿وكان الإنسان كفوراً﴾ لأنْعُمِ ربه بعد أن أنْعَمَ عليه [بالخروج] (٣) من كربه.
أفأمنتم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا
قوله تعالى: ﴿أفأمنتم﴾ الاستفهام للإنكار، والفاء للعطف على محذوف،

(١)... من اللطائف: أن بعض الناس قال لبعض الأئمة: أثبت لي وجود الله، ولا تذكر لي الجوهر والعرض. فقال له: هل ركبت البحر؟ قال: نعم، قال: فهل عصفت الريح؟ قال: نعم، قال: فهل أشرفت بك السفينة على الغرق؟ قال: نعم، قال: فهل يئست مِن نفع مَن في السفينة ونحوهم من المخلوقين لك وإنجائهم مما أنت فيه إياك؟ قال: نعم. قال: فهل بقي قلبك متعلقاً بشيء غير أولئك؟ قال: نعم، قال: ذلك هو الله عز وجل. فاستحسن ذلك (انظر: روح المعاني ١٥/١١٥).
(٢)... أي: علامات.
(٣)... في الأصل: بالروح.
(١/٢٠٢)


الصفحة التالية
Icon