﴿فمن أوتي كتابه بيمينه﴾ وهم أهل السعادة، يأخذون كتب أعمالهم بأيمانهم، ﴿فأولئك يقرؤون كتابهم﴾.
قال صاحب الكشاف (١) : إن قلت: لم خَصَّ أصحاب اليمين بقراءة كتابهم؟ كأن أصحاب الشمال لا يقرؤون كتابهم؟
قلت: بلى، ولكن إذا اطَّلعوا على ما في كتابهم، أخذهم ما يأخذ المطالب بالنداء على جناياته والاعتراف بمساوئه [أمام] (٢) التنكيل والانتقام منه، من الحياء والخجل والانخزال، وحبسة اللسان، والتتعتع، والعجز عن إقامة حروف الكلام، والذهاب عن تسوية القول، فكأنّ قراءتهم كَلاَ قراءة.
وأما أصحاب اليمين فأمرهم على عكس ذلك، لا جرم أنهم يقرؤون كتابهم أحسن قراءة [وأبينها] (٣)، ولا يقنعون بقراءتهم وحدهم، حتى يقول القارئ لأهل المحشر: ﴿هاؤم اقرؤوا كتابيه﴾ [الحاقة: ١٩].
﴿ولا يظلمون فتيلاً﴾ أي: لا ينقصون من ثوابهم أدنى شيء.
وقد سبق تفسير الفتيل والنقير والقطمير في سورة النساء (٤).
قوله تعالى: ﴿ومن كان في هذه أعمى﴾ أي: من كان في هذه الدنيا أعمى البصيرة عن النظر في عجائب مخلوقات الله ودلائل قدرته وبراهين وحدانيته ومعجزات رسله، ﴿فهو في الآخرة أعمى﴾ عن طريق الثواب والنجاة من
(٢)... في الأصل: أيام. والتصويب من الكشاف (٢/٦٣٧).
(٣)... في الأصل: وأثبتها. والتصويب من الكشاف (٢/٦٣٨).
(٤)... آية رقم: ٤٩.
(١/٢٠٨)