فصل: يتضمن الإشارة إلى سبب بعثهم


قال ابن إسحاق: ألقى الله في نفس رجل من أهل المدينة اسمه إلياس، أن يهدم ذلك البنيان الذي على فم الكهف، فيبني به حظيراً (١) لغنمه، فاستأجر رجلين فنزعا تلك الحجارة، فلما فتحا باب الكهف أذن الله تعالى ذو القدرة والعظمة للفتية أن يجلسوا، فجلسوا فرحين مستبشرين كهيئتهم حين رقدوا، فَسَلَّمَ بعضهم على بعض وهم يرون أن ملِكَهم في طلبهم، فصَلُّوا، وقالوا ليمليخا صاحب نفقتهم: انطلق فاسمع ما نُذْكَر به، وابتغ لنا طعاماً، وتلطّف ولا تشعرنّ بنا أحداً، فوضع ثيابه وأخذ الثياب التي كان يتنكر فيها، وخرج فرأى الحجارة قد نُزعت عن باب الكهف، فعجب، ثم مرّ متخوفاً من أن يراه أحد فيذهب به إلى الملك الذي فرُّوا منه، فلما رأى باب المدينة [رأى] (٢) [عليه] (٣) علامة أهل الإيمان فعَجِبَ، وخُيِّلَ إليه أنها ليست بالمدينة التي يَعرف، ورأى ناساً لا يعرفهم، ورأى قوماً يحلفون بعيسى، فقام مُسنداً ظهره إلى جدار، وقال في نفسه: والله ما أدري ما هذا، عشيةَ أمس لم يكن على الأرض من يذكر عيسى إلا قُتل، واليوم أسمعهم يذكرونه، لعلِّي حالم، لعل هذه ليست بالمدينة التي أعرف، فقام كالحيران، وأخرج وَرِقاً فأعطاه رجلاً وقال: بعني طعاماً، فنظر الرجل إلى نقشه فعجِب، ثم ألقاه إلى آخر، فجعلوا يتطارحونه بينهم (٤) من رجل إلى رجل يتعجبون منه، ثم جعلوا يتشاورون
(١)... في ب: حظيرة.
(٢)... زيادة من ب.
(٣)... زيادة من زاد المسير (٥/١١١).
(٤)... ساقط من ب.
(١/٢٥٢)


الصفحة التالية
Icon