على عبادة الأوثان والذبح للطواغيت، فهربنا منه عشية أمس فنمنا، فلما انتبهنا خرجتُ أشتري لأصحابي طعاماً فإذا أنا كما ترون، فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي، فانطلقوا معه وسائر أهل المدينة، وكان أصحابه قد ظنوا أنه أُخِذَ [وذُهِبَ] (١) به إلى الملك دقيانوس، فلم يَرُعْهُم إلا الأصوات وجلبة الخيل نحوهم، وظنوا أنهم رُسُل دقيانوس، فقاموا إلى الصلاة وودّع بعضهم بعضاً وتواصوا، فسبق يمليخا إليهم وهو يبكي، فبكوا معه وسألوه عن شأنه، فأخبرهم خبره كله، فعرفوا أنهم كانوا نياماً بإذن الله تعالى ذلك الزمان كله، وإنما أُوقظوا ليكونوا آية للناس وتصديقاً للبعث، ونظر الملك والناس إلى المسطور الذي فيه أسماؤهم وقصتهم فعجبوا، ورفعوا أصواتهم بالتحميد والتسبيح والتهليل، وأقبل الملك عليهم واعتنقهم وبكى، فقالوا له: نستودعك الله، ونقرأ عليك السلام، حفظك الله وحفظ مُلْكَك، فبينا الملك قائم رجعوا إلى أماكنهم ومضاجعهم (٢) وتوفى الله أنفسهم، فأمَرَ الملك أن يجعل لكل واحد منهم تابوت من ذهب، فلما أمسوا رآهم في المنام فقالوا: إنا لم نخلق من ذهب وفضة، ولكنا خُلقنا من تراب، فاتركنا كما كُنّا في الكهف على التراب حتى يبعثنا الله تعالى منه، وحجبهم الله عز وجل بالرعب، فلم يقدر أحد بعد ذلك أن يدخل عليهم، وأمر الملك فجُعل على باب الكهف مسجد يصلى فيه، وجعل لهم عيداً عظيماً يُؤتى كل سنة (٣).
وقال عكرمة: جاءت أمّة مسلمة وكان ملكهم مُسْلماً فاختلفوا؛ فقائل يقول:

(١)... في الأصل: ذهب.
(٢)... في ب: رجعوا إلى مضاجعهم.
(٣)... أخرجه الطبري (١٥/٢١٧-٢٢٢). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/١١١-١١٣).
(١/٢٥٤)


الصفحة التالية
Icon