الرحلة في طلب العلم والازدياد منه، ولزوم قوانين الأدب مع العالم المأخوذ عنه.
قال قتادة: لو كان أحدٌ مكتفياً علماً لاكتفى نبي الله موسى، ولكنه قال: ﴿هل أتبعك... الآية﴾ (١).
﴿قال﴾ يعني الخضر لموسى: ﴿إنك لن تستطيع معي صبراً﴾ نفى استطاعته الصبر معه، علماً منه أنه لا يتمالك إذا رأى ما يوجب الاشمئزاز والنفور مما ظاهره موجبٌ للإنكار، وباعثٌ على السؤال.
قال ابن عباس: لن تصبر على صنيعي؛ لأني عَلمتُ من غيب علم ربي (٢).
ثم أعلمه العلة في ترك الصبر فقال: ﴿وكيف تصبر﴾ "كيف" نصبٌ على الظرف، وهو منصوب بـ"تصبر".
﴿على ما لم تُحِطْ به خُبْراً﴾ أي: عِلْماً، و"خُبْراً" نصبٌ على المصدر والتمييز (٣)، فالأول على معنى: ما لم تَخْبُرْه خُبْراً؛ لأن "لم تُحِطْ به" في معنى: لم تخبره.
والثاني على معنى: لم يُحط به خُبْرك.
﴿قال﴾ حرصاً على طلب الزيادة في العلم: ﴿ستجدني إن شاء الله صابراً﴾ عن الإنكار والسؤال، ﴿ولا أعْصِي﴾ في محل النصب عطفاً على "صابراً" (٤). أي: ستجدني صابراً غير عاصٍ، وعلَّقه على المشيئة حين رأى ذلك العالم الكامل قد نفى عنه وصف الاستطاعة بقوله: ﴿لن تستطيع﴾.

(١)... الوسيط (٣/١٥٨).
(٢)... الوسيط (٣/١٥٨)، وزاد المسير (٥/١٦٩).
(٣)... التبيان (٢/١٠٦)، والدر المصون (٤/٤٧٢).
(٤)... الدر المصون (٤/٤٧٢).
(١/٣٢٦)


الصفحة التالية
Icon