قال ابن الأنباري (١) : وجه هَمْزِه: أن العرب [قد] (٢) همزت حروفاً لا يُعرف للهمز فيها أصل، كقولهم: استنشأتُ الريح (٣)، فإذا كان هذا معروفاً في أبنية العرب، كان مقبولاً في الألفاظ التي أصلها للعجم.
ومعنى قول ابن الأنباري: "استنشأتُ الريح": تشمّمْتُها.
قال أبو علي (٤) : من همزهما جعلهما عربيين، فإن "يأجُوج" يفْعُول من أَجَّ، و"مأجوج" مفْعُول من أَجَّ أيضاً، والكلمتان على هذا من أصل واحد في الاشتقاق، وامتناع صرفهما على هذا للتأنيث والتعريف؛ لأن كل واحد منهما كأنه اسم للقبيلة؛ كَمَجُوس.
ومن قرأهما بغير همز أمكن أن يكون على قول من همز، لكنه خفف الهمزة فقلبها ألفاً، مثل: رأسٍ (٥)، فهو على قوله أيضاً: يَفْعُول، منْ أَجَّ، وإن كان الألف في "يأجوج" فيمن لم يهمز ليس على التخفيف، فإنه فاعُول من: (ي ج ج)، فإن جعلتَ الكلمة من هذا الأصل كانت الهمزة فيها كالتي في: "سَأقَ"، ونحو ذلك مما جاء مهموزاً ولم ينبغ أن يُهمز.
وأما "مأْجوج" فيمن لم يهمز فهو فاعول مِنْ مَجَّ، كما كان "ياجوج" يفعول مِنْ يَجَّ، فالكلمتان على هذا من أصلين، وليستا من أصل واحد، ويكون امتناعهما من

(١)... انظر: الوسيط (٣/١٦٦).
(٢)... زيادة من ب.
(٣)... استنشأت لغة في استنشيت الريح، أي وجدت طيبها عند شمها (اللسان، مادة: نشأ).
(٤)... الحجة (٣/١٠٣-١٠٤).
(٥)... من هنا يوجد سقط لباقي سورة الكهف وأول سورة مريم في مصورة الأصل. وقد اعتمدنا فيها نسخة ب.
(١/٣٦٣)


الصفحة التالية
Icon