قال الحسن البصري: التقَى يحيى وعيسى، فقال يحيى لعيسى: أنتَ خيرٌ مني، فقال عيسى ليحيى: بل أنتَ خيرٌ مني، سَلَّم الله عليكَ، وأنا سَلَّمت على نفسي (١).
فصل: يتضمن نبذة من حال يحيى عليه السلام
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: دخل يحيى بن زكرياء عليهما السلام بيت المقدس وهو ابن ثماني حجج، فنظر إلى عُبّاد بيت المقدس قد لبسوا مدارع الشعر وبرانس الصوف، ونظر إلى مُتَهَجِّديهِم -أو قال: مجتهديهم- قد خرقوا التراقي، وسلكوا فيها السلاسل وشَدُّوها إلى جدار بيت المقدس، فَهَالَهُ ذلك، ورجع إلى أبويه فمرَّ بصبيان يلعبون فقالوا: يا يحيى هَلُمَّ نلعب! فقال: إني لم أخلق لِلّعب، فذلك قول الله: ﴿وآتيناه الحكم صبياً﴾، فأتى أبويه فسألهما أن يُدرّعاه الشَّعْر، ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس فكان يخدم نهاره ويأوي فيه ليلاً، حتى أتت له خمس عشرة حجة، فوافاه الخوف فخرج سائحاً، وأمَّ أطراف الجبال وغيران الشعاب، وخرج أبواه في طلبه، فوجداه على بُحَيْرة الأردن وقد قعد على شفير البُحَيْرة وقد كاد العطش يذبحه وهو يقول: وعزتك لا أذوق بَردَ الشراب حتى أعلم أين مكاني منك؟ فسأله أبواه أن يأكل قرصاً كان معهما من شعير ويشرب من الماء، فقَبِلَ وكفَّرَ عن يمينه، فمُدح بالبِرّ، قال الله: {وبراً بوالديه ولم يكن جباراً
(١)... أخرجه الطبري (١٦/٥٩)، وابن أبي عاصم في الزهد (ص: ٧٦). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢١٥).
قال القرطبي (١١/٨٩) : انتزع بعض العلماء من هذه الآية في التسليم فضل عيسى بأن قال: إدلاله في التسليم على نفسه ومكانته من الله تعالى التي اقتضت ذلك حين قرر وحكى في محكم التنزيل أعظم في المنزلة من أن يسلم عليه. قال ابن عطية: ولكل وجه.
(١/٤٠٠)
قال القرطبي (١١/٨٩) : انتزع بعض العلماء من هذه الآية في التسليم فضل عيسى بأن قال: إدلاله في التسليم على نفسه ومكانته من الله تعالى التي اقتضت ذلك حين قرر وحكى في محكم التنزيل أعظم في المنزلة من أن يسلم عليه. قال ابن عطية: ولكل وجه.
(١/٤٠٠)