الزمخشري (١) : الظرف بدل من "مريم" بدل الاشتمال؛ لأن الأحيان مشتملة على ما فيها. وفيه: أن المقصود بذكر مريم ذكر وقتها هذا، لوقوع هذه القصة العجيبة.
والانتباذ: الاعتزال والانفراد، من النبْذَة، بضم النون وفتحها، وهي الناحية، أي: تنحَّت واعتزلت (٢).
﴿من أهلها مكاناً شرقياً﴾ مما يلي الشرق من جانب دارها، أو من جانب المسجد تخلّت فيه لعبادة ربها عز وجل.
قال الحسن: لذلك اتخذت النصارى المشرق قبلة (٣).
وقال عطاء: انتبذت لتفلي رأسها (٤).
وقال عكرمة: أرادت أن تغتسل من الحيض، فتحوّلت إلى مشرقة دارهم، فعرض لها جبريل وهي تغتسل في صورة شاب أمرد، وضيء الوجه، جعد الشعر، سويّ الخلق، فذلك قوله: ﴿إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً﴾ (٥).
﴿فاتخذت من دونهم حجاباً﴾ يعني: ستراً وحاجزاً، ﴿فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً﴾ آدمياً سوياً لم تَفُتْهُ شيء من صورة ابن آدم؛ لطفاً من الله بها، إذ لو جاءها في الصورة الملكيّة لَنَفَرَتْ منه ولم تفهم ما جاء به.

(١)... الكشاف (٣/١٠).
(٢)... انظر: اللسان (مادة: نبذ).
(٣)... أخرج نحوه الطبري (١٦/٥٩)، وابن أبي حاتم (٧/٢٤٠٢) كلاهما عن ابن عباس. وذكره الماوردي (٣/٣٦١)، والسيوطي نحوه في الدر (٥/٤٩٤) وعزاه للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢١٦).
(٥)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/١٧٩).
(١/٤٠٢)


الصفحة التالية
Icon