﴿إلى جذْع النخلة﴾ الجِذْع: ساق النخلة، كأنها عليها السلام قصدت الاسترواح من ألم الولادة بالاتكاء إليه والاعتماد عليه، والتعريف إما أن يكون من تعريف الأسماء الغالبة؛ كتعريف النجم وابن الصَّعق، كأنَّ تلك الصحراء كان فيها جذع نخلةٍ متعارفٍ عند الناس، فإذا قيل: "جذع النخلة" فُهِمَ منه ذاك، وإما أن يكون تعريف الجنس.
قال ابن عباس: نظرت مريم إلى أكمة فصعدت مسرعة، وإذا عليها جذع نخلة نخرة ليس لها رأس ولا سعف (١).
﴿قالت﴾ -من فرط الحياء وخوف الفضيحة قومها-: ﴿يا ليتني متُّ قبل هذا﴾ أي: قبل هذا اليوم أو هذا الأمر (٢)، ﴿وكنت نِسياً منسياً﴾ وقرأ حمزة وحفص: "نَسْياً" بفتح النون (٣)، وهما لغتان؛ مثل: الوِتر والوَتر، والحِج والحَج، والرِّطل والرَّطل.
قال أبو علي (٤) : الكسر أعلى اللغتين.
قال الكسائي: المعنى: ليتني كنت ما إذا ذُكر لم يُطلب (٥).

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/١٨٠)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٢٠).
(٢)... قال ابن كثير (٣/١١٧-١١٨) : فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد ولا يصدقونها في خبرها.
(٣)... الحجة للفارسي (٣/١١٨)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٤٤١)، والكشف (٢/٨٦)، والنشر في القراءات العشر (٢/٣١٨)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٩٨)، والسبعة في القراءات (ص: ٤٠٨).
(٤)... الحجة (٣/١١٨).
(٥)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٢١).
(١/٤٠٧)


الصفحة التالية
Icon