﴿يا أخت هارون﴾ لم تكن مريم عليها السلام أخت هارون أخي موسى، فإن بين مريم وموسى زماناً طويلاً، وقد أشرنا إلى ذلك فيما مضى.
واختلفوا في المراد بهارون؛ فقال ابن عباس في رواية الضحاك والسدي: هو هارون أخو موسى، نسبوها إليه؛ لأنها كانت من نسله (١).
وهذا المعنى مروي عن النبي - ﷺ -، وهذا كما تقول للتميمي: يا أخا تميم، تريد: يا واحداً منهم.
وقال ابن عباس في رواية أبي صالح: هارون أخ كان لمريم من أمها (٢).
وقال الضحاك: من أبيها وأمها، وكان من أمثل بني إسرائيل (٣).
وروي عن ابن عباس وقتادة: أنه رجل صالح من بني إسرائيل كان ينتسب إليه من عُرف بالصلاح (٤).
وهذا المعنى مرويٌ عن النبي - ﷺ -. قال المغيرة بن شعبة: ((بعثني رسول الله - ﷺ - إلى أهل نجران فقالوا: ألستم تقرؤون: ﴿يا أخت هارون﴾ وقد علمتم ما كان بين موسى وعيسى، فلم أدر ما أجيبهم، فرجعت إلى رسول الله - ﷺ - فأخبرته فقال: ألا أخبرتهم أنهم كانوا يُسمّون بأنبيائهم والصالحين قبلهم)) (٥). هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه.

(١)... أخرجه الطبري (١٦/٧٨)، وابن أبي حاتم (٧/٢٤٠٧) كلاهما عن السدي. وذكره السيوطي في الدر (٥/٥٠٨) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(٢)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٢٧).
(٣)... ذكره الماوردي (٣/٣٦٩)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٢٧).
(٤)... أخرجه الطبري (١٦/٧٧). وذكره الماوردي (٣/٣٦٨)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٢٧).
(٥)... أخرجه مسلم (٣/١٦٨٥ ح٢١٣٥).
(١/٤١٤)


الصفحة التالية
Icon