وقال السدي: قياماً على الرُّكَب، وذلك لضيق المكان بهم (١).
قوله تعالى: ﴿ثم لننزعنّ من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتياً﴾ أي: لنأخذن من كل فرقة وطائفة أعتاهم وأعصاهم فنطرحهم في النار على ترتيب دركاتهم، ونبدأ بأولاهم بالعذاب فأولاهم.
قال الكسائي والأخفش: "مِنْ" زائدة، والتقدير: لننزعن كل شيعة، فـ"كل شيعة" مفعول لـ"ننزعن". ويكون قوله: "أيهم" مبتدأ لا تعلق له بالفعل (٢).
وقال الخليل: بل قوله: "أيهم" رفع على الحكاية، والتقدير: لننزعن من كل شيعة مَنْ يُقال له: "أيهم أشد على الرحمن عتياً"، فحذف القول وما اتصل به، كقول الشاعر:
ولقد أبيتُ على الفَتاةِ بمَنْزِل... فأبيتُ لا حَرِجٌ ولا مَحرُومُ (٣)
المعنى: فأبيت بمنزلة الذي يقال: لا هو حرج ولا محروم.
وأنكر ذلك سيبويه (٤)، وزعم أن ذلك لا يجوز، فلا يقال: اضربِ الخبيثُ الفاسقُ، على تقدير من يقال له: الخبيثُ الفاسقُ.
قال: وأنا أقول: إنّ قوله: "أيهم أشد" مفعول لـ"ننزعن"، وكان حقه النصب،

(١)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٥٣)، والسيوطي في الدر (٥/٥٣٣) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢)... انظر: التبيان (٢/١١٦)، والدر المصون (٤/٥١٧).
(٣)... البيت للأخطل، انظر: ديوانه (ص: ٨٤)، والكتاب (٢/٨٤)، وشرح المفصل لابن يعيش (٣/١٤٧)، وأمالي ابن الشجري (١/٨٠)، والخزانة (٦/١٣٩)، والبحر (٦/١٩٦)، والدر المصون (٤/٥١٧)، والقرطبي (١١/١٣٣)، وزاد المسير (٥/٢٥٤).
... والشاهد في البيت: رفع "حرج" و"محروم" وكان وجه الكلام نصبهما على الحال.
(٤)... انظر: الكتاب (٢/٤٠١).
(١/٤٤٩)


الصفحة التالية
Icon