رَجُل، ثم ثبتت فيه الهاء للوقف فقال: طَهْ (١).
قال المفسرون: قال النضر بن الحارث وأبو جهل للنبي - ﷺ -: إنك لتشقى بترك ديننا، وذلك لما شاهدوا من شدة اجتهاده وطول عبادته، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وقال مجاهد: كان رسول الله - ﷺ - وأصحابه يربطون الحبال في صدورهم في الصلاة بالليل، ثم نسخ ذلك بالفرض ونزلت هذه الآية (٣).
والمعنى: ما أنزلنا عليك القرآن لِتَتَعَنَّى وتتعب.
قال ابن السائب: فكان رسول الله - ﷺ - بعد نزول هذه الآية ينام ويصلي (٤).
وقيل: المعنى: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بفرط تأسُّفك عليهم، فيكون كقوله: ﴿فلعلك باخع نفسك﴾ [الكهف: ٦].
قوله تعالى: ﴿إلا تذكرة لمن يخشى﴾ قال الأخفش (٥) : هو بدل من قوله: "لتشقى" (٦).

(١)... أي: هي هاء السكت؛ لأن الفعل بقي على حرف واحد.
(٢)... ذكره الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣١٢)، وابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٦٩).
(٣)... أخرجه الطبري (١٦/١٣٧)، ومجاهد (ص: ٣٩٣). وذكره السيوطي في الدر (٥/٥٤٩) وعزاه لعبد بن حميد.
(٤)... ذكره القرطبي (١١/١٦٧).
(٥)... معاني القرآن للأخفش (ص: ٢٤٩).
(٦)... وهذا رأي الزجاج وابن عطية أيضاً.
... واستبعده أبو جعفر النحاس فقال: وهذا وجه بعيد، والقريب أنه منصوب على المصدر، أو مفعول من أجله (إعراب القرآن للنحاس ٣/٣٢).
... وردّ هذا القول الفارسي (انظر رأيه في: البحر المحيط ٦/٢١٣).
... وهو ردٌّ صحيح. وقد أوضح الزمخشري هذا فقال: فإن قلت: هل يجوز أن يكون "تذكرة" بدلاً من محل "لتشقى"؟ قلت: لا؛ لاختلاف الجنسين، ولكنها نصب على الاستثناء المنقطع الذي "إلا" فيه، بمعنى "لكن" (الكشاف ٣/٥٣).
... قال أبو حيان في البحر (٦/٢١٣) : ويعني باختلاف الجنسين: أن نصب "تذكرة" نصبة صحيحة ليست بعارضة، والنصبة التي تكون في "لتشقى" بعد نزع الخافض نصبة عارضة، والذي يقول إنه ليس له محل البتة فيتوهم البدل منه.
(١/٤٧٥)


الصفحة التالية
Icon