الذي يبارزني أنه يسبقني أو يفوتني؟! [وكيف] (١) وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة، لا أكِلُ نُصْرَتَهُمْ إلى غيري.
قال: فأقبل موسى - ﷺ - إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها الأُسْد في غَيْضَةٍ (٢) قد غرسها، فالأُسْد فيها مع سَاسَتِها (٣) إذا أشْلَتْها (٤) على أحد أُكِلَ، وللمدينة أربعة أبواب في الغيضة، فأقبل موسى عليه السلام من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون، فلما رأته الأُسْدُ صاحت صياح الثعالب، فأنكر ذلك السَّاسة وفَرقُوا من فرعون، وأقبل موسى عليه السلام حتى انتهى إلى الباب الذي فيه فرعون، فقرعه بعصاه، وعليه جُبّةُ صُوفٍ وسراويل، فلما رآه البَوَّاب عجب من جرأته، فتركه ولم يأذن له، وقال: هل تدري باب من أنت تَضْرِب؟ إنما تضرب باب سيدك، قال: أنت وأنا وفرعون عبيد لربي عز وجل فإني (٥) ناصره، [فأعلمه البَوّاب السابق] (٦)، فأخبر البَوَّاب الذي يليه والبَوَّابين حتى بلغ ذلك أدناهم، ودونهم سبعون حاجباً، كل حاجب منهم تحت يده من الجنود ما شاء الله عز وجل، كأعظم أمير اليوم إمارة، حتى خلص الخبر إلى فرعون، فقال: أَدْخِلُوهُ عَلَيَّ، فَأُدْخِلَ، فقال له فرعون: أعْرِفُكَ؟ قال: نعم، قال: أَلَمْ نُرَبِّكَ فينا وليداً؟ فردّ موسى عليه الذي ذكره الله عز وجل. قال فرعون: خذوه، فبادرهم موسى فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين،

(١)... في الأصل: فكيف. والتصويب من ب، والزهد (ص: ٨٣).
(٢)... الغيْضَة: الأجَمَة، وهي الشجر الكثير الملتفّ (اللسان، مادة: غيض). والمقصود هنا: الغابة.
(٣)... الساسة: القادة (اللسان، مادة: سوس). والمقصود هنا: الذين كُلِّفوا برعايتها.
(٤)... أشلتها: أي: أطلقتها (هامش الزهد ص: ٨٣).
(٥)... في ب: فأتى.
(٦)... زيادة من الزهد (ص: ٨٣).
(١/٤٨٥)


الصفحة التالية
Icon