فحملتْ على الناس فانهزموا منها، فمات منها (١) خمسة وعشرون ألفاً، قَتَلَ بعضهم بعضاً، وقام فرعون منهزماً حتى دخل البيت، فقال لموسى: اجعل بيننا وبينك أجلاً نَنْظُرُ فيه، فقال له موسى: لم أُومَرْ بذلك، وإنما أُمِرْتُ بمناجزتك، وإن أنت لم تخرج إليّ دخلتُ إليك، فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن اجعل بينك وبينه أجلاً ينظر فيه وقل له يجعله هو. قال فرعون: اجعله إلى أربعين يوماً، ففعل، وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في أربعين يوماً مرة، فاختلف ذلك اليوم أربعين مرة.
قال: وخرج موسى من المدينة، فلما مرّ بالأُسْد مَصَعَتْ (٢) بأذنابها، وسارت مع موسى تُشَيِّعُهُ ولا تُهَيِّجُهُ ولا أحداً من بني إسرائيل (٣).
عُدْنا إلى تفسير الآية، قال ابن عباس: قوله تعالى: ﴿وهل أتاك﴾ أي: وقد أتاك، يشير إلى أنه استفهام في معنى الخبر (٤).
قال ابن الأنباري (٥) : هذا معروف عند اللغويين أن تأتي "هل" معبرة عن "قد"، فقد قال رسول الله - ﷺ - وهو أفصح العرب: ((اللهم هل بلغت)) (٦).
قال المفسرون: رأى نوراً، ولكنْ أخبر بما كان في ظن موسى {فقال لأهله
(٢)... المَصْعُ: التحريك. ومَصَعَتِ الدابة بذنبها مَصْعاً: حرّكته من غير عَدْوٍ (اللسان، مادة: مصع).
(٣)... أخرجه أحمد في الزهد (ص: ٧٩-٨٤). وذكره السيوطي في الدر (٥/٥٥٤-٥٥٨) وعزاه لأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٢٠١).
(٥)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٢٧١-٢٧٢).
(٦)... أخرجه البخاري (٢/٦١٩ ح١٦٥٢)، ومسلم (١/٢٠١ ح٢٢١).
(١/٤٨٦)