قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى
فَأَتياه فبلغاه رسالة ربهما فقال: ﴿فمن ربكما يا موسى﴾ قال صاحب الكشاف (١) : خاطب الاثنين، فوجَّه النداء إلى أحدهما وهو موسى؛ لأنه الأصل في النبوة، وهارون وزيره وتابعه.
ويحتمل عندي: أن يكون إعراضه عن مخاطبة هارون؛ أنَفَةً واستكباراً لموضع ادّعائه الربوبية، وتنزُّل هارون منه منزلة العبيد الممتهنين المستخدمين في سفساف الأمور، وإقباله على مخاطبة موسى لموضع تربيته، وتنزُّله منه منزلة الولد.
﴿قال ربنا الذي أعطى كل شيء خَلْقَهُ﴾ جائز أن يكون "خَلْقَهُ" أول مفعولي "أَعْطَى" في المعنى (٢).
التقدير: أعطى كل شيء يحتاجون إليه، ويتوقَّف مصالحهم عليه. وهذا معنى قول قتادة (٣).
وجائز أن يكون ثاني مفعوليه (٤)، على معنى: أعطى كل شيء صورتَه وشكلَه المطابق للنَّفع المنوط به على ما اقتضته الحكمة الإلهية؛ كالعين والأذن واليد
(٢)... انظر: التبيان (٢/١٢٢)، والدر المصون (٥/٢٦).
(٣)... أخرج نحوه الطبري (١٦/١٧٢). وذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور (٥/٥٨١) وعزاه لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن.
(٤)... انظر: التبيان (٢/١٢٢)، والدر المصون (٥/٢٥).
(١/٥١٤)