قال الزمخشري (١) : هذه الآية واردةٌ عن غضب شديد، ومناديةٌ على سخط عظيم؛ لأن القَصْمَ أَفْظَعُ الكَسْرِ، وهو الكَسْرُ الذي يُبِينُ تلاؤمَ الأجزاء، بخلاف الفَصْم (٢).
وأراد بالقرية: أهلها، ولذلك وصفها بالظُّلم وقال: ﴿قوماً آخرين﴾.
ومعنى: ﴿كانت ظالمة﴾ : كافرة، ﴿وأنشأنا﴾ أوجدنا ﴿بعدها قوماً آخرين﴾.
﴿فلما أَحَسُّوا بَأْسَنا﴾ رأوا عذابنا بحاسّة البصر ﴿إذا هم منها﴾ أي من القرية، أو من ديارهم ﴿يركضون﴾ أي: يَعْدُون. وأصل الرَّكْضِ: ضَرْبُ الدابة بالرِّجْل (٣)، ومنه: ﴿اركض برجْلك﴾ [ص: ٤٢].
قال المفسرون: فقالت لهم الملائكة على وجه التوبيخ والتهكّم: ﴿لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه﴾ من العيش الرّافِهِ والحال الناعمة (٤).
قال ابن قتيبة (٥) : إلى نعمكم التي أتْرَفَتْكُم. وقد ذكرنا هذا عند قوله: ﴿أمرنا مُتْرَفِيها﴾ [الإسراء: ١٦].
﴿لعلكم تُسَأَلون﴾ المعنى: ارجعوا واجلسوا في مجالسكم ومراتبكم حتى يسألكم العبيدُ والحَشَمُ ويقولوا لكم: ماذا تأمرون؟ على ما هو المُتَعَارَفُ من عادات المترفين.
(٢)... الفَصْم: الكَسْر من غير بينونة (اللسان، مادة: فصم).
(٣)... انظر: اللسان (مادة: ركض).
(٤)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٥/٣٤٢).
(٥)... تفسير غريب القرآن (ص: ٢٨٤).
(١/٥٩٧)