وذهب بعضهم إلى أن الاستثناء يعود إلى مجموع الأمرين، فيرفَعُ الفسقُ وإسقاط الشهادة، وهو قول عكرمة والزهري والشعبي وطاووس ومجاهد والقاسم بن محمد والشافعي والإمام أحمد، وحملوا الأبد (١) المذكور في الآية على مدة كونه قاذفاً، وهي تنتهي بالتوبة (٢).
وعن ابن عباس كالقولين.
قال أبو عبيد: الذي لا يقبلها يذهب إلى أن الكلام انقطع عند قوله: "أبداً"، ثم استأنف فقال: "أولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا"، فأوقع التوبة على الفسق خاصة دون الشهادة.
وأما الآخرون فذهبوا إلى أن الكلام معطوف بعضه على بعض، ثم أوقعوا الاستثناء في التوبة على كل الكلام.
قال (٣) : والذي نختار: هذا القول؛ لأن المتكلم بالفاحشة لا يكون أعظم جرماً من راكبها، ولا خلاف في العاهر أنه مقبول الشهادة إذا تاب، فالرامي بها أيسر جُرْماً إذا نزع، وليس القاذف بأشد جُرْماً من الكافر، والكافر إذا أسلم وأصلح قُبلت شهادته (٤).
(٢)... قال الواحدي في الوسيط (٣/٣٠٥) : فإن قيل: فما الفائدة في قوله: ﴿أبداً﴾ ؟
... قيل: أبد كل إنسان مقدار مدته فيما يتصل بقضيته. تقول: الكافر لا تقبل منه شيئاً أبداً، معناه: ما دام كافراً، كذلك القاذف لا تقبل شهادته أبداً ما دام قاذفاً، فإذا زال عنه الكفر زال أبداً، وإذا زال عنه الفسق زال أبداً، لا فرق بينهما في ذلك.
(٣)... أي: أبو عبيد.
(٤)... انظر قول أبي عبيد في: الوسيط (٣/٣٠٥) ونسبه لأبي عبيدة، وزاد المسير (٦/١٢) بلا نسبة.
(١/١٩٢)