وقوله: "إن عذابها" و"إنها ساءت" يجوز أن يكون حكاية لقولهم، وأن يكون من كلام الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا﴾ قرأ نافع وابن عامر: "يُقْتِروا" بضم الياء وكسر التاء، من أقْتَرَ يُقْتِرُ (١).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء، وقرأ أهل الكوفة بفتح الياء وضم التاء (٢).
قال أبو عبيدة (٣) : هُنَّ ثلاث لغات، معناها: لم يُضَيِّقُوا في الإنفاق.
﴿وكان﴾ يعني: إنفاقهم ﴿بين ذلك﴾ أي: بين الإسراف والإقتار ﴿قواماً﴾ أي: عدلاً قصداً بين الغلو والتقصير، كما قال لرسوله - ﷺ -: ﴿ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط﴾ [الإسراء: ٢٩].
قال يزيد بن أبي حبيب في هذه الآية: أولئك أصحاب محمد - ﷺ - كانوا لا يأكلون طعاماً للتنعّم واللذّة، ولا يلبسون ثوباً للجمال، ولكن كانوا يريدون من الطعام ما يَسُدُّ عنهم الجوع ويُقوِّيهم على عبادة ربهم، ومن الثياب ما يستر عوراتهم ويُكِنُّهُم من الحر والبرد (٤).
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كفى سرفاً أن لا يشتهي

(١)... الحجة للفارسي (٣/٢١٣-٢١٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥١٣-٥١٤)، والكشف (٢/١٤٧)، والنشر (٢/٣٣٤)، والإتحاف (ص: ٣٣٠)، والسبعة (ص: ٤٦٦).
(٢)... انظر: المصادر السابقة.
(٣)... لم أقف عليه في مجاز القرآن.
(٤)... أخرجه الطبري (١٩/٣٨)، وابن أبي حاتم (٨/٢٧٢٥). وذكره السيوطي في الدر (٦/٢٧٥) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(١/٣٥٠)


الصفحة التالية
Icon