وقريبٌ منه قول الزجاج (١) : لما لم يكن الخضوع إلا بخضوع الأعناق، جاز أن يخبر عن المضاف إليه، كما قال الشاعر:
رأتْ مَرَّ السنينَ أخذْنَ مِنّي...... كَمَا أَخَذَ السِّرارُ من الهلال (٢)
أخبر عن السنين وإن كان أضاف إليها المرور.
الثاني: أن الأعناق لما وُصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء، جُمع جَمع من يعقل؛ كقوله: ﴿رأيتهم لي ساجدين﴾ [يوسف: ٤].
الثالث: [أن] (٣) المراد بالأعناق: الرؤساء والأكابر، فإنهم يُسَمَّون بذلك، كما يُسَمَّون رؤوساً وصدوراً ونواصي، قال الشاعر:
.............................. في محْفلٍ من نَواصِي الخيلِ مَشْهُود (٤)
الرابع: أن الأعناق: الجماعات. تقول: جاء عُنُقٌ من الناس، أي: جماعة، المعنى: [فظلَّتْ جماعاتهم] (٥) للآية، خاضعين ذليلين خاشعين.

(١)... معاني الزجاج (٤/٨٢).
(٢)... هو لجرير، والبيت من شواهد النحو، وهو في ديوانه (ص: ٤٢٦)، والطبري (٤/٣٧، ١٢/١٥٧، ١٣/١٦٣، ١٩/٦٢)، واللسان (مادة: خضع)، والقرطبي (٧/٢٦٤، ٩/١٣٣، ١٣/٩٠)، وزاد المسير (٤/١٨٥، ٦/١١٦).
... والسرار: اختفاء الهلال آخر الشهر وأخذ السرار منه، يعني: نحوله كلما دنا لآخر الشهر. والشاهد أنه أعاد الضمير على "السنين" المضاف إليه.
(٣)... زيادة من ب.
(٤)... عجز بيت لأم قيس الضَّبّية، وصدره: (وَمَشْهَدٍ قَدْ كَفَيْتُ الغائِبينَ بِهِ). انظر: اللسان، مادة: (نصا)، وروح المعاني (١٢/١٣٨).
(٥)... في الأصل: فظلت أعناقهم أي: جماعاتهم. والمثبت من ب.
(١/٣٧٠)


الصفحة التالية
Icon