فقال سليمان: قد وجب عليك الحَدُّ، فقال الفرزدق: يا أمير المؤمنين، قد درأ الله عني الحدَّ بقوله: ﴿وأنهم يقولون ما لا يفعلون﴾.
قرأتُ على أبي القاسم علي بن أبي منصور الموصلي، أخبركم ابن بَوْش فأقرَّ به قال: أخبرنا أبو العز بن كادش، أخبرنا الجازري، أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري، حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي، حدثني أبو عبدالله أحمد بن فراس الشامي، حدثنا الجهم بن بدر، قال الكرماني (١) في خَلُوب جارية الرشيد شِعْراً، فبلغ الرشيد، فوجّه إليه وأقعد الرشيد خلوب خلف سِتْر، ومرّ الكرماني بالفضل بن الربيع فقال: إن أمير المؤمنين قد وجّه إليّ فأنشده إن استنشدني، قال: نعم بعد الأمان، فلما دخل قال الرشيد: أنت الكرماني؟ قال: نعم، قال: أنشدني؟ قال: في الزهد، قال: لست هناك، قال: ففي المديح، قال: ولا، قال: فما أنشدك يا أمير المؤمنين؟ قال: شعرك في خَلُوب، قال: بعد الأمان يا أمير المؤمنين، فأنشده قوله فيها حتى بلغ:
لَوْ لَمْ أذقْها طابَ لي حُبُّها...... لكنَّني ذقْتُ فلا ذقْتُ
فخرجت خَلُوب من وراء الستر فقالت: والله يا أمير المؤمنين ما ذُقْتُهُ ولا ذاقني، ولا رأيته ولا رآني، وقد أقرّ بالزنا، فحُدَّهُ يا أمير المؤمنين، قال: يا خَلُوب، قد أعطيناه الأمان، قالت: الأمان في حدٍّ من حدود الله؟ قال: قد سمعت يا كرماني، قال: يا أمير المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون﴾ إلى قوله

(١)... في هامش ب: كرمان: بالفتح ثم السكون، وربما كسرت الكاف. ذكره في المعجم قال: والفتح أشهر (انظر: معجم البلدان ٤/٤٥٤).
(١/٤٢٧)


الصفحة التالية
Icon