وقيل: "بُورك" فُوعِلَ من البركة، وهو على حذف المضاف، على معنى: بُورك من في طلب النار، فتكون تحية من الله عز وجل لموسى بالبركة، كما حيّا آل إبراهيم بالبركة على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه، في قوله تعالى: ﴿رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾ [هود: ٧٣].
وقيل: "مَنْ" زائدة؛ كقول الشاعر:
فكفى بنا فَضْلاً على مَنْ غيرنا... حُبُّ النبي محمدٍ إيانا (١)
والتقدير: بورك (٢) في النار، وهذا معنى قول مجاهد (٣).
وقيل: المعنى: بورك من في النار من الملائكة، ومن حولها وهو موسى؛ لأنه كان بالقُرب منها ولم يكن فيها.
وقيل: المعنى: بورك في مكان النار، وهو عام في كل من كان في تلك الأرض وفي ذلك الوادي، ومن حولها من أرض الشام، كما قال تعالى: ﴿ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين﴾ [الأنبياء: ٧١].
وحقيق لتلك الأرض أن تكون بالبركة موصوفة؛ لأنها مَقَرُّ الأنبياء ومستودَعُهُم، أحياءً وأمواتاً، ومهبط الوحي والملائكة.
قوله تعالى: ﴿يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم﴾ الضمير في "إنه" ضمير

(١)... البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه، انظر: الطبري (١/١٧٩، ٤/١٥٠)، وروح المعاني (١/١٨٥).
(٢)... في الأصل زيادة قوله: من.
(٣)... أخرجه الطبري (١٩/١٣٤)، وابن أبي حاتم (٩/٢٨٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٦/٣٤١) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
(١/٤٣٥)


الصفحة التالية
Icon