لابسوها، وكانوا بسبب منها بنظرهم وتفكرهم فيها. ويجوز أن يراد بحقيقة الإبصار: كل ناظر فيها من كافة أولي العقل، وأن يراد أيضاً (١) فرعون وقومه؛ لقوله: ﴿واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً﴾، أو جُعلت كأنها تبصر فتهدي؛ لأن العُمْي لا تقدر على الاهتداء، فضلاً عن أن تَهْدِي غيرها، ومنه قولهم: كلمة عَيْنَاء، وكلمة عَوْرَاء؛ لأن الكلمة الحسنة تُرشد، والسيئة تُغوي.
﴿قالوا هذا﴾ إشارة إلى ما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام ﴿سحر مبين﴾.
﴿وجحدوا بها﴾ أي: [بالآيات] (٢)، ﴿واستيقنتها أنفسهم﴾ هذه واو الحال، و"قد" بعدها مضمرة، تقديره: وجحدوا (٣) بالآيات وقد استيقنتها أنفسهم.
﴿ظلماً وعلواً﴾ أي: شركاً وتكبراً عن اتباع موسى.
ولقد آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ
قوله تعالى: ﴿ولقد آتينا داود وسليمان علماً﴾ قال ابن عباس: علماً بالقضاء، وبكلام الطير والدواب، وتسبيح الجبال (٤).

(١)... في الكشاف: إبصار.
(٢)... في الأصل: الآيات. والمثبت من ب.
(٣)... في الأصل وب زيادة: بها وقد بعدها مضمرة تقديره: وجحدوا. وهو تكرار.
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٣٧٠)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/١٥٩) بلا نسبة.
(١/٤٤٠)


الصفحة التالية
Icon