إلى بيان السبب الذي حملهم عليه، وهو أنهم لا يعرفون سبب رضا ولا فرح، إلا أن يُهدى إليهم حظٌ من الدنيا [التي] (١) لا يعلمون غيرها. ويجوز أن تجعل الهدية مضافة إلى المُهْدِي، ويكون المعنى: بل أنتم بهديتكم هذه التي أهديتموها تفرحون فرح افتخار على الملوك، بأنكم قدرتم على إهداء مثلها. ويحتمل أن يكون عبارة عن الردّ، كأنه قال: بل أنتم من حقكم أن تأخذوا هديتكم وتفرحوا بها.
قوله تعالى: ﴿ارجع إليهم﴾ خطاب للرسول. وقيل: للهدهد، على معنى: ارجع إليهم حاملاً كتاباً آخر، ﴿فلنأتينهم بجنودٍ لا قِبَلَ لهم بها﴾ أي: لا طاقة لهم بها. وحقيقته: ليس لهم من يقابل جنودي.
﴿ولنخرجنهم منها﴾ أي: من بلدتهم ﴿أذلة﴾ قد ذهب عنهم عز المُلْك والسلطان، ﴿وهم صاغرون﴾ أذلّاء.
قال يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
فلما رجع إليهم الرسول وأخبرها بما شاهد من عجائب مُلْكه وسلطانه
(١/٤٦٨)