ودلائل نبوته وحكمته، عرفت حينئذ أنه مؤيد بالرسالة، فأخذت في المسير إليه، وأمرت بعرشها فجعل من وراء سبعة أبواب ووكلت بحفظه [الحرس] (١)، وشخصت إلى سليمان، فأخبر جبريل عليه السلام سليمان بمسيرها إليه، فلما كانت منه على مسيرة فرسخ، قال سليمان لجنوده: ﴿أيكم يأتيني بعرشها﴾.
إن قيل: ما أراد بذلك؟
قلت: يجوز أن يكون مراده بذلك: أن يُرِيَهَا بعض ما خصَّه الله به تعالى به من كرامته وإجراء العجائب على يديه، وأن يُطلِعَهَا على عظيم قدرة الله تعالى وعظيم سلطانه، لتتوفر دواعيها إلى الإسلام. ويحتمل أنه أراد معاجلتها بأخذه والاستيلاء عليه قبل أن يحرّمه عليه الإسلام، ألا تراه يقول: ﴿قبل أن يأتوني مسلمين﴾. وهذا معنى قول قتادة (٢).
﴿قال عفريت من الجن﴾ وقرأ أبيّ بن كعب بفتح العين (٣)، وقرأ ابن مسعود: "عِفرَاةٌ" بكسر العين وألف بدل الياء (٤)، والوقف عليها على هذه القراءة بالهاء.
وقرأتُ على الشيخين أبي البقاء وأبي عمرو الياسري للكسائي من رواية ابن أبي شريح عنه: "عِفْريّةٌ" بكسر العين وفتح الياء (٥)، والوقف عليها أيضاً بالهاء.
(٢)... أخرجه الطبري (١٩/١٦٠)، وابن أبي حاتم (٩/٢٨٨٣). وذكره السيوطي في الدر (٦/٣٥٩) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣)... وهي قراءة الضحاك وأبي العالية وابن يعمر وعاصم الجحدري أيضاً. انظر هذه القراءة في زاد المسير (٦/١٧٤).
(٤)... انظر هذه القراءة في زاد المسير (٦/١٧٤).
(٥)... انظر هذه القراءة في زاد المسير (٦/١٧٤)، والدر المصون (٥/٣١٤).
(١/٤٦٩)