يُفَتِّشْنَهُ قبل ذلك، فلما كانت الليلة التي وُلد فيها موسى - ﷺ - ولدته أمه ولا رقيب عليها ولا قابلة، ولم يطّلع عليها أحد إلا أخته مريم، فأوحى الله تعالى إليها ﴿أن أرضعيه فإذا خفت عليه... الآية﴾. قال: فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك، فلما خافت عليه عملت له تابوتاً مُطْبَقاً ومهَّدت له، ثم ألقته في البحر ليلاً كما أمرها الله تعالى، فلما أصبح فرعون جلس في مجلسه على شاطئ النيل، فبصُر بالتابوت، فقال لمن حوله من خدمه: ائتوني بهذا التابوت، فأتوه به، فلما وُضع بين يديه فتحوه فوجدوا فيه موسى، فلما نظر إليه فرعون قال: عِبْراني من الأعداء، فغاظه ذلك وكيف أخطأ هذا الغلام الذبح.
وكان فرعون [قد] (١) استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها: آسية بنت مزاحم، وكانت من خيار النساء، ومن بنات الأنبياء، وكانت أماً للمسلمين ترحمهم وتُعطيهم ويدخلون عليها، فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الوليد أكبر من ابن سنة، وإنما أُمِرْتَ أن تذبح الولدان لهذه السنة، فدعه يكن قرة عين لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً، وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه. فاستحيا فرعون وَوَمِقَه (٢)، [وألقى] (٣) الله تعالى عليه محبته ورأفته (٤).
وقال جماعة من المفسرين: كانت امرأة من القوابل مصافية لأم موسى فتولّت
(٢)... وَمِقَه: أي: أحبه (انظر: اللسان، مادة: ومق).
(٣)... في الأصل: ألقى. والتصويب من ب.
(٤)... أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٦٢٧-٦٢٨ ح٤٠٩٧).
(١/٥١٠)