فلما أمره الله تعالى بتبليغ رسالته إلى فرعون، شكا إليه خوفه من القتل بسبب قتله القبطي، وعُقْلَة لسانه، فسأله المعاضدة بأخيه، فذلك قوله: ﴿قال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح مني لساناً﴾ أي: أوضح بياناً، لسلامته من العقدة الكائنة بسبب التحريق، والعُقْلَة الكامنة بأصل التخليق.
﴿فأرسله معي ردءاً﴾ أي: عوناً. وترك نافع الهمزة طلباً للخِفَّة (١).
﴿يُصَدِّقْنِي﴾ قرأ عاصم وحمزة: "يُصَدِّقُنِي" بالرفع صفة لـ"ردْءاً"، وقرأ الباقون بالجزم على جواب السؤال (٢).
وجمهور المفسرين ذهبوا إلى أن الضمير المرفوع في: "يُصدقُني" عائد إلى هارون.
وشذّ مقاتل فقال (٣) : المعنى: يُصَدِّقُنِي فرعون.
فجعل ضمير المرفوع له. ويؤيده قراءة من قرأ: "يُصَدِّقُون" على الجمع (٤).
والأول أصح.

(١)... الحجة للفارسي (٣/٢٥٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥٤٥)، والكشف (٢/١٧٣)، والإتحاف (ص: ٣٤٢)، والسبعة (ص: ٤٩٤).
(٢)... الحجة للفارسي (٣/٢٥٥)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٥٤٥-٥٤٦)، والكشف (٢/١٧٣)، والنشر (٢/٣٤١)، والإتحاف (ص: ٣٤٣)، والسبعة (ص: ٤٩٤).
(٣)... تفسير مقاتل (٢/٤٩٦).
(٤)... وهي قراءة زيد بن علي وأبيّ. انظر هذه القراءة في: الدر المصون (٥/٣٤٤).
(١/٥٣٨)


الصفحة التالية
Icon