رواية عكرمة، وبه قال مجاهد والحسن وأبو صالح والزهري (١).
فإن قيل: هذا اللفظ مُشْعِرٌ بأنه - ﷺ - كان في الجنة؟
قلت: قد كان ذاك ليلة المعراج، أو حين كان في صُلب آدم، أو ساغ ذلك لكثرة تلبسه - ﷺ - بها، تارة بعرضها عليه حتى هَمَّ بأخذ القِطْف (٢) منها، وتارة بدخوله إليها في منامه، ومنام الأنبياء وَحْيٌ، وقد دخلها - ﷺ - في المنام مراراً كثيرة.
على أني أقول: العرب تقول: رجع فلان إلى كذا، وإن لم يكن له سابقة بذلك. وقد قررناه فيما مضى.
وقال ابن عباس -في رواية العوفي- والضحاك ومقاتل (٣) : نزلت هذه الآية في الجحفة، في مسير النبي - ﷺ - مهاجراً إلى المدينة، فتذكَّر وهو بالجحفة مكة، وكونها مولدُه ومولد آبائه، فاشتاق إليها، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ فقال: نعم، فقال: فإن الله يقول: ﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ (٤)، أي: إلى مكة ظاهراً عليها.

(١)... أخرجه الطبري (٢٠/١٢٤)، وابن أبي حاتم (٩/٣٠٢٦). وذكره السيوطي في الدر (٦/٤٤٦) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس. ومن طريق آخر عن أبي صالح، وعزاه للفريابي.
(٢)... في هامش ب: القِطْف: بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما يُقْطَف، كالذَّبح والطّحن. وأكثر المحدثين يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر. وقال الأزهري: يجوز الفتح عند الكسائي (انظر: اللسان، مادة: قطف).
(٣)... تفسير مقاتل (٢/٥٠٨).
(٤)... أخرج طرفاً منه ابن أبي حاتم (٩/٣٠٢٦) عن الضحاك. وذكره الواحدي في الوسيط (٣/٤١١)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٢٤٩). وذكر السيوطي طرفاً منه في الدر (٦/٤٤٥) وعزاه لابن أبي حاتم عن الضحاك.
(١/٥٨٢)


الصفحة التالية
Icon