قوله تعالى: ﴿إذ جاؤوكم من فوقكم﴾ أي: من فوق الوادي من قبل المشرق: قريظة والنضير وغطفان، ﴿ومن أسفل منكم﴾ من قبل المغرب من ناحية مكة: أبو سفيان ومن معه من قريش، ﴿وإذا زاغت الأبصار﴾ مَالَتْ عن كل شيء ولم تنظر إلا إلى عدوها مقبلاً من كل جانب.
وقيل: مالت عن سننها ومستوى نظرها حيرة وشخوصاً.
﴿وبلغت القلوب الحناجر﴾ جمع حَنْجَرَة، وهي رأس الغَلْصَمَة وهي منتهى الحلقوم. والحلقوم: مدخل الطعام والشراب.
قال قتادة: شخصت عن مكانها (١).
قال الفراء (٢) : جَبُنُوا وَجَزَعَ أكثرهم، وسبيل الجبان إذا اشتد خوفه: أن تنتفخ رئته، وإذا انتفخت الرئة رفعت القلب إلى الحنجرة، ولهذا يقال للجبان: انْتَفَخَ سَحْرُه.
وقيل: إنه مَثَلٌ مضروب لشدة الخوف، وإن لم تزل القلوب عن أماكنها.
قال أبو سعيد الخدري يوم الخندق: " يا رسول الله! هل من شيء نقوله، فقد بلغت القلوب الحناجر، قال: قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، قال: فقلناها، [فضرب] (٣) وجوه أعداء الله بالريح فهزموا " (٤).

(١)... أخرجه الطبري (٢١/١٣١)، وابن أبي حاتم (٩/٣١١٩). وذكره السيوطي في الدر (٦/٥٧٦) وعزاه لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢)... معاني الفراء (٢/٣٣٦).
(٣)... في الأصل: فضرت. والتصويب من مسند أحمد (٣/٣).
(٤)... أخرجه أحمد (٣/٣ ح١١٠٠٩).
(١/١١٢)


الصفحة التالية
Icon