وجل. فكأنه نذر لازم في رقبته، فإذا مات فقد قضى نحبه، أي: نذره. وقوله: ﴿فمنهم من قضى نحبه﴾ محتمل موته شهيداً، ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله - ﷺ -.
﴿وما بدلوا تبديلاً﴾ أي: ما غيروا العهد كما غيّره المنافقون، لا المُستَشْهِد ولا المُنْتَظِر. ولقد ثبت طلحة مع رسول الله - ﷺ - يوم أحد حتى أصيبت يده فقال رسول الله - ﷺ -: " أوجب طلحة " (١).
قوله تعالى: ﴿ليجزي الله الصادقين بصدقهم﴾ أي: صدق المؤمنون في عهودهم ليجزيهم الله بصدقهم، ﴿ويعذب المنافقين إن شاء﴾ الله تعالى.
قال السدي: يميتهم على نفاقهم إن شاء فيوجب لهم العذاب (٢).
فمعنى شرط المشيئة في عذاب المنافقين: إماتتهم على النفاق إن شاء، ﴿أو يتوب عليهم﴾ بخروجهم من النفاق بالتوبة حتى يموتوا وهم تائبون (٣).

(١)... أخرجه الترمذي (٤/٢٠١ ح١٦٩٢).
(٢)... ذكره الماوردي (٤/٣٩٠)، والواحدي في الوسيط (٣/٤٦٦).
(٣)... فائدة: قال ابن جرير الطبري (٢١/١٤٨) : إن قال قائل: ما وجه الشرط في قوله: ﴿وَيُعَذِّبَ المُنافِقِين﴾ بقوله: ﴿إنْ شاءَ﴾ والمنافق كافر؟ وهل يجوز أن لا يشاء تعذيب المنافق، فيقال: ويعذّبه إن شاء؟
... قيل: إن معنى ذلك: ويعذّب المنافقين بأن لا يوفقهم للتوبة من نفاقهم حتى يموتوا على كفرهم إن شاء، فيستوجبوا بذلك العذاب، فالاستثناء إنما هو من التوفيق لا من العذاب إن ماتوا على نفاقهم. اهـ.
(١/١٣١)


الصفحة التالية
Icon