السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ (١٠) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
فإن قلت: ما يريد بقوله تعالى: ﴿والله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً﴾، لم جاء "فتثير" على المضارعة دون ما قبله وبعده؟
قلتُ: ليحكي الحال التي تقع فيها إثارة الرياح [السحاب] (١)، ويستحضر تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الربانية، وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع [تمييز] (٢) وخصوصية، بحال تستغرب، أو تهمّ المخاطب، أو غير ذلك، كما قال تأبّط شراً (٣) :
بأنّي قد لقيتُ الغولَ تَهْوي... بشُهْبٍ كالصحيفةِ صَحْصَحَان (٤)
فأضْربها بلا دَهَشٍ فخَرَّت... صريعاً لليدينِ وللجِرَان (٥)
(٢)... في الأصل: تميز. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٣)... هو من فحول الشعراء في الجاهلية وفرسانها المشهورين، كنيته أبو زهير، وبتلقيبه بتأبّط شراً أقوال؛ المشهور منها: أنه تأبّط سيفاً وخرج، فقيل لأمه: أين هو؟ فقالت: تأبّط شراً وخرج (بلوغ الأرب ٢/٣٤٥).
(٤)... الصحصحان: المكان المستوي (اللسان، مادة: صحح).
(٥)... البيتان لثابت بن جابر الفهمي، الملقب بتأبط شراً، من أبيات قالها يزعم ضربه الغول، انظر: بلوغ الأرب (٢/٣٤٢)، والدر المصون (٥/٤٦٠)، والبحر (٧/٢٨٩).
(١/٢٧٤)