قصد أن يصور لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها، مشاهدةً للتعجب من جراءته على كل هول، وثباته عند كل شدة. وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها؛ لما [كانا] (١) من الدلائل على القدرة الباهرة قيل: فَسُقْنَا، وأحْيَيْنا؛ [معدولاً] (٢) بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدلّ عليه.
والكاف في قوله تعالى: ﴿كذلك﴾ في محل الرفع، أي: مثل إحياء الموات نشور الأموات.
أخرج الإمام أحمد رضي الله عنه من حديث أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول اللهلِلَّهِ كيف يحيي الله الموتى؟ قال: أما مررت بوادي قومك مَحلاً ثم مررت به خضراً؟ قلت: بلى. قال: كذلك يحيي الله الموتى، أو قال: ﴿كذلك النشور﴾ " (٣).
قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فلله العِزَّةُ جَمِيعاً﴾ قال المفسرون: كان المشركون يعتزون بالأصنام، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً﴾ [مريم: ٨١]، وكان المنافقون يتعززون بالمشركين، كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ المؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لله جَمِيعاً﴾ [النساء: ١٣٩]، فبيَّن الله تعالى أن لا عِزّة إلا له جلَّت عظمته ولأوليائه، فقال تعالى: ﴿ولله العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨].
(٢)... في الأصل: معدلاً. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٣)... أخرجه أحمد (٤/١١ ح١٦٢٣٧).
(١/٢٧٥)