ومعنى الآية: من كان يبتغي العزة فليطلبها عند الله، فوضع قوله: "فلله العزة" موضعه، استغناء به عنه لدلالته عليه؛ لأن الشيء لا يطلب إلا عند صاحبه ومالكه.
وفي الحديث عن النبي - ﷺ - أنه قال: " إن ربكم يقول كل يوم: أنا العزيز فمن أراد عز الدنيا [فليطع] (١) العزيز " (٢).
ثم إن الله تعالى أعلم عباده أن الذي يطلب به العزة هو الإيمان والعمل الصالح، فقال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.
وقرأ ابن مسعود وأبو عبدالرحمن السلمي والنخعي: "الكلامُ الطيبُ"، وبها قرأتُ للشيزري عن الكسائي (٣).
والكلم الطيّب: التوحيد والثناء على الله تعالى.
قال علي ابن المديني: "الكلم الطيب": لا إله إلا الله، "والعمل الصالح": أداء الفرائض واجتناب المحارم (٤).
وفي هاء "يرفعه" ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى الكلم الطيب، والعمل الصالح هو الرافع. قاله ابن

(١)... في الأصل: فليطلع. والتصويب من مصادر التخريج.
(٢)... أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (٦/٦٠، ٨/١٧١). وذكره الواحدي في الوسيط (٣/٥٠٢)، والديلمي في الفردوس (٥/٢٥٣)، والسيوطي في الدر (٢/٧١٧) وعزاه للحاكم في التاريخ والديلمي وابن عساكر عن أنس.
(٣)... ذكر هذه القراءة ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٤٧٧-٤٧٨).
(٤)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦/٤٧٨).
(١/٢٧٦)


الصفحة التالية
Icon