﴿وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ﴾ يعني: المؤمنين والكافرين.
قال قتادة: هذه أمثال ضربها الله تعالى للكافرين والمؤمنين، يقول: لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن (١).
ودخول "لا" المقارنة لواو العطف في سياق النفي، يفيد توكيد معنى النفي، فلذلك قال تعالى: ﴿ولا الظلمات ولا النُّور * ولا الظل ولا الحَرُور * وما يَسْتَوِي الأحْيَاءُ وَلا الأمْوَاتُ﴾.
﴿إِنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ﴾ يريد: أنه قد علم من يدخل في الإسلام ممن لا يدخل فيه، فهو يضلهم ويهديهم بعلمه فيهم، وأما أنت يا محمد فيخفى عليك أمرهم، ولذلك تحرص على هداية من أضلَّه الله، ومثلك في ذلك مثل من يريد أن يسمع المقبورين، فذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا أَنتَ بمُسْمِعٍ مَنْ في القُبُورِ﴾.
فإن قيل: هلاَّ قيل: "وما أنت بمسمع الموتى"؟
قلتُ: هذا أدخل في المقصود وأوغل في نفي الإسماع؛ لأنه قد انضم إلى كونهم موتى تغييبهم تحت أطباق الثرى، فانتفى الإسماع لانتفاء سببه، وزاده تأكيداً وجود مانعه، بخلاف ميّت موسّد بين أهله، فإنه لقرب العهد بمجاورته والأُنس بمجاورته، يُخيّل إلى مخاطبه أن روح الحياة تتردد فيه مع علمه بوجود منافيه. وهذا المعنى من نفائس الخصائص، ومن الجواهر التي لم يظفر بها قبلي غائص.
قوله تعالى: ﴿إنا أرسلناك بالحق﴾ قوله: "بالحق" حال من أحد الضميرين.
(١/٢٨٤)