أحدها: ليكون أقرب إلى الجنات والثواب قبله، وقدَّم الظالم لئلا ييأس من الرحمة، وأَخَّرَ السابق لئلا يعجب بعمله.
وقال جعفر الصادق عليه السلام: بدأ بالظالم إخباراً أنه لا يتقرب إليه إلا بصرف كرمه، ثم ثنّى عنه بالمقتصد؛ لأنه بين الخوف والرجاء، ثم خَتَمَ بالسابق لئلا يأمن أحد مكره، وكلهم في الجنة بحرمة كلمة الإخلاص (١).
وقال الزمخشري (٢) : قدَّم الظالم للإيذان بكثرة الفاسقين وغلبتهم، وأن المقتصدين قليل بالإضافة إليهم، والسابقون أقل من القليل.
قوله تعالى: ﴿ذلك﴾ إشارة إلى توريث الكتاب. وقيل: إلى السبق بالخيرات، ﴿هو الفضل الكبير﴾.
جنات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِن رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ
قال الزمخشري (٣) : إن قلت: فكيف جعلت "جناتُ عدن" بدلاً من "الفضل الكبير"، الذي هو السبق بالخيرات المشار إليه بذلك؟
قلتُ: لما كان السبب في نيل الثواب، نزل منزلة المسبب، كأنه هو الثواب،
(٢)... الكشاف (٣/٦٢٣).
(٣)... الكشاف (٣/٦٢٢-٦٢٣).
(١/٢٩٥)