فاعلين ذلك وقد فعلوا ما فعلوا (١).
قوله تعالى: ﴿إن كانت إلا صيحة واحدة﴾ وقرأ أبو جعفر: "صيحةٌ واحدةٌ" بالرفع (٢).
وقال الزجاج (٣) : من نصب فالمعنى: ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة.
ومن رفع فالمعنى: ما وقعت عليهم عقوبة إلا صيحة.
قوله تعالى: ﴿يا حسرةً على العباد﴾ قال ابن عباس: حلّوا محلّ من يتحسر عليهم (٤).
وقال قتادة: المعنى: يا حسرة العباد على أنفسهم (٥).
وقال الزجاج (٦) وغيره من اللغويين وأهل المعاني في معنى نداء الحسرة وما شابهها مما لا يعقل: فيجب المقصود من النداء التنبيه؛ فإذا قلت: يا زيد، فقد نبّهته ثم تحظى به بما تريد، ولو خاطبته من غير نداء لم تبلغ في الفائدة مبلغ الخطاب بعد التنبيه بالنداء، ألا ترى أن قولك: يا عجباً أتفعل كذا، أبلغ من قولك: أنا أعجبُ مما فعلتَ، والمعنى: يا عجباً أقبل، فإنه من أوقاتك، وكذلك ﴿يا ويلتا أألد وأنا عجوز﴾ [هود: ٧٢]، و ﴿يا حسرتا على ما فرطت﴾ [الزمر: ٥٦].

(١)... انظر: البحر (٧/٣١٧)، والدر المصون (٥/٤٨٠).
(٢)... النشر (٢/٣٥٣)، والإتحاف (ص: ٣٦٤).
(٣)... معاني الزجاج (٤/٢٨٣-٢٨٤).
(٤)... ذكره الماوردي (٥/١٥).
(٥)... أخرجه الطبري (٢٣/٢)، وابن أبي حاتم (١٠/٣١٩٣). وذكره السيوطي في الدر (٧/٥٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦)... معاني الزجاج (٤/٢٨٤-٢٨٥).
(١/٣٢٨)


الصفحة التالية
Icon