قال الزمخشري هاهنا (١) : هذا نداء للحسرة عليهم، كأنما قيل لها: تعالي يا حسرة، فهذه من أحوالك التي من حقك أن تحضري فيها، وهي حال استهزائهم بالرسل.
والمعنى: أنهم أحقاء بأن يتحسَّر عليهم المُتحسّرون، ويتلهَّفَ على حالهم المُتلهّفون. أو هم متحسّر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين. ويجوز أن يكون من الله تعالى [على] (٢) سبيل الاستعارة [في] (٣) معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم [ومحنوها] (٤) به، وفرط إنكاره له وتعجيبه منه.
وقراءة من قرأ: " [يا حسرتاه] (٥) " تعضد هذا الوجه؛ لأن المعنى: يا حسرتي.
وقرئ: "يا حسرةَ العبادِ" على الإضافة إليهم لاختصاصها بهم؛ من حيث أنها موجهة إليهم. و"يا حسرة على العباد"، على إجراء الوصل مجرى الوقف (٦).
ثم بين سبب حسرتهم بتمام الآية، ثم خوف كفار مكة بالتي بعدها.
قال الزجاج (٧) : المعنى: ألم يعتبروا بمن أهلكنا قبلهم من القرون فيخافوا أن يُعجِّل لهم في الدنيا مثل الذي عُجِّل لغيرهم، وأنهم مع ذلك لا يعودون إلى الدنيا أبداً. وموضع "كم" نصبت بـ"أهلكنا"؛ لأن "كم" لا يعمل فيها ما قبلها، خبراً

(١)... الكشاف (٤/١٦).
(٢)... زيادة من الكشاف، الموضع السابق.
(٣)... في الأصل: على. والمثبت من الكشاف، الموضع السابق.
(٤)... في الأصل: وحنوها. والتصويب من الكشاف، الموضع السابق.
(٥)... في الأصل: يا حسرتا. والمثبت من الكشاف، الموضع السابق.
(٦)... إلى هنا انتهى كلام الزمخشري.
(٧)... معاني الزجاج (٤/٢٨٥).
(١/٣٢٩)


الصفحة التالية
Icon