الرب عز وجل قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قول الله عز وجل: ﴿سلامٌ قولاً من رب رحيم﴾، فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم " (١).
وقال ابن عباس: يرسل الله تعالى إليهم بالسلام (٢).
وامتازوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩) * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَن لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ
قوله تعالى: ﴿وامتازوا اليوم أيها المجرمون﴾ أي: انفردوا عن المؤمنين وكونوا على حِدَة، وذلك حين يحشر المؤمنون ويُسَار بهم إلى الجنة.
وقال قتادة: اعتزلوا عن كل خير (٣).
وقال الضحاك: لكل كافر بيت من النار يكون فيه، لا يَرى ولا يُرى (٤).
فعلى هذا امتيازهم هو أن لا يرى بعضهم بعضاً، تقول: ميّزت الشيء عن الشيء؛ إذا عزلته عنه ونحيته فامْتَاز وانْمَاز (٥).

(١)... أخرجه ابن ماجه (١/٦٥ ح١٨٤).
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٥١٧).
(٣)... أخرجه الطبري (٢٣/٢٢). وذكره السيوطي في الدر (٧/٦٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
(٤)... ذكره النسفي في تفسيره (٤/١٢).
(٥)... انظر: اللسان (مادة: ميز).
(١/٣٥٢)


الصفحة التالية
Icon