قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي (١).
وقال قتادة: رؤيا الأنبياء حق، إذا رأوا شيئاً فعلوه (٢).
﴿فانظر ماذا تَرَى﴾ وقرأ حمزة والكسائي: "تُرِي" بضم التاء وكسر الراء (٣).
فمن قرأ: "تَرَى" بفتح التاء والراء، فمعناه: ماذا ترى من صبرك أو جزعك، أو ماذا ترى من الرأي.
ومن قرأ: "تُرِي" فعلى معنى: ماذا تبصر من رأيك وتبديه وتشير به.
وقال الفراء (٤) : ماذا تريني من صبرك أو جزعك.
وعلم أنه لم يشاوره ليرجع إلى رأيه، فإن ذلك كان حتماً من الله تعالى، بل ليعلم ما عنده مما نزل به من البلاء العظيم، وليؤانسه ويثبته ويستدرجه إلى الاستسلام والانقياد لما أمر به فيه، فظهر فيه أثر تلك البشارة المؤذنة براجح علمه، فذلك قوله: ﴿قال يا أبت افعل ما تؤمر﴾ به من ذبحي ﴿ستجدني إن شاء الله من الصابرين﴾ على بلائه.
فلما أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِن هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ

(١)... أخرجه ابن أبي حاتم (١٠/٣٢٢١). وذكره السيوطي في الدر (٧/١٠٤) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢)... أخرجه الطبري (٢٣/٧٨). وذكره السيوطي في الدر (٧/١٠٤-١٠٥) وعزاه لعبد بن حميد.
(٣)... الحجة للفارسي (٣/٣١٧)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٦٠٩)، والكشف (٢/٢٢٥)، والنشر (٢/٣٥٧)، والإتحاف (ص: ٣٦٩-٣٧٠)، والسبعة (ص: ٥٤٨).
(٤)... معاني الفراء (٢/٣٩٠).
(١/٤٠٥)


الصفحة التالية
Icon