الله أيهما كان؟ فقال: إسماعيل، لما بلغ إسماعيل سبع سنين رأى إبراهيم عليه الصلاة والسلام في النوم في منزله بالشام أن يذبح إسماعيل، فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه، فأخذ بيده ومضى به إلى حيث أمر، حتى انتهى إلى منحر البدن اليوم، فقال: يا بني! إن الله أمرني أن أذبحك، فقال إسماعيل: فأطع ربك، فإن في طاعة ربك كل خير. فقال له إسماعيل: هل أعلمتَ أمي بذلك؟ قال: لا. قال: أصبت، إني أخاف أن تحزن، ولكن إذا قربت السكين من حلقي فأعرض عني، فإنه أحرى أن تصبر ولا تراني، ففعل إبراهيم، فجعل يحزّ في حلقه فإذا هو يحز في نحاس ما تَحيكُ (١) فيه الشفرة، فَشَحَذَها (٢) مرتين أو ثلاثاً بالحجر كل ذلك لا يستطيع. قال إبراهيم: إن هذا الأمر من الله، فرفع رأسه فإذا هو بوَعْلٍ واقف بين يديه، فقال إبراهيم: قم يا بني، فقد نزل فداؤك، فذبحه هناك (٣).
وقال محمد بن إسحاق: كان إبراهيم عليه السلام إذا زار هاجر وإسماعيل حمل على البراق فيغدوا من الشام فيقيل بمكة، ويروح من مكة فيبيت عند أهله بالشام، حتى إذا بلغ إسماعيل معه السعي وأخذ بنفسه ورجاه لما كان يأمل فيه من عبادة ربه وتعظيم حرماته، أُرِيَ في المنام أن يذبحه، فلما أقرَّ بذلك قال لابنه: يا بني خذ الحبل والمدية ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب لنحتطب، فلما جاء بابنه في شعب ثبير أخبره بما ذكر الله تعالى (٤).

(١)... أي: ما تقطع (انظر: اللسان، مادة: حيك).
(٢)... شَحَذَ السكين والسيف يشحذه شحذاً: أحَدَّهُ بالمِسَنِّ وغيره مما يخرج حَدَّه (اللسان، مادة: شحذ).
(٣)... أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٦٠٥ ح٤٠٤٠)، والواحدي في الوسيط (٣/٥٣٠).
(٤)... ذكره الطبري في تاريخه (١/١٦٥)، والبغوي في تفسيره (٤/٣٣).
(١/٤١١)


الصفحة التالية
Icon