فاستقبله فاتحاً فاه ليأخذه، فقال: اطرحوني وانجوا، فلا منجى من الله، فطرحوه، والتقمه الحوت قبل أن يبلغ الماء وتصوب به.
رجع الحديث إلى الحسن، قال: فانطلق به الحوت إلى مسكنه من البحر، ثم انطلق به إلى قرار الأرض، فطاف به البحار أربعين يوماً، فسمع يونس تسبيح الحصا وتسبيح الحيتان، قال: فجعل يسبح ويهلل ويقدس، وكان يقول في دعائه: سيدي في السماء مسكنك، وفي الأرض قدرتك وعجائبك، سيدي من الجبال [أهبطتني] (١)، وفي البلاد سيرتني، وفي الظلمات الثلاث حبستني، إلهي سجنتني بسجن لم تسجن به أحداً قبلي، إلهي عاقبتني بعقوبة لم تعاقب بها أحداً قبلي، فلما كان تمام أربعين يوماً وأصابه الغم ﴿فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ [الأنبياء: ٨٧]، قال: فسمعت الملائكة بكاه، وعرفوا صوته، وبكت الملائكة لبكاء يونس، وبكت السموات والأرض والحيتان، فقال الجبار: يا ملائكتي، ما لي أراكم تبكون؟ قالوا: ربنا، صوتٌ ضعيفٌ حزينٌ نعرفه في مكان غريب، قال: ذلك عبدي يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، فقالوا: يا رب! العبد الصالح الذي كان يصعد له في كل يوم وليلة العمل الصالح الكثير؟.
قال ابن عباس: قال الله: نعم، فشفعت له الملائكة والسموات والأرض، فبعث الله تعالى جبريل فقال: انطلق إلى الحوت الذي حبست يونس في بطنه فَقُلْ له: إن لي في عبدي حاجة، فانطلق به إلى الموضع الذي ابتلعته فيه فاقذفه فيه،
(١/٤٢٥)