قال (١) : وكان أهل زمان داود عليه السلام يسأل بعضهم بعضاً أن ينزل له عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته، وكانت لهم عادة في المواساة بذلك، فاتفق أن عين داود وقعت على امرأة أوريا، فسأله النزول عنها، فاستحيا أن يردّه ففعل.
وقيل: خطبها أوريا، ثم خطبها داود على خطبته مع كثرة نسائه، فرغب أهلها فيه فزوَّجُوه (٢).
فإن قيل: لم خوطب بجنايته على طريقة التمثيل؟
قلتُ: لما في ضمن ذلك من التوبيخ المؤثر في القلب بسبب ترسخه في الذهن واستقراره فيه حيث أبرز في صورة تماثله مع ما في ذلك من جميل العشرة وحسن الأدب بترك المجاهرة.
فإن قيل: لم خاطب الله تعالى رسوله بذلك على طريقة الاستفهام؟
قلتُ: تنبيهاً له على أنه ثناء عجيب ينبغي أن يُصِيخَ (٣) إليه بقلب حاضر وأُذُن واعية، وتشويقاً له إلى استماعه.
فإن قيل: ما الخصم المذكور في الآية؟
قلتُ: هما جبريل وميكائيل. هكذا ذكره مقاتل (٤) وعامة المفسرين على أنهما اثنان، بدليل قوله تعالى: ﴿خصمان بغى بعضنا على بعض﴾، وقوله تعالى: ﴿إن هذا أخي له﴾، وقوله: ﴿أنما فتناه﴾ على قراءة من خفَّف.
(٢)... ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/٨٣).
(٣)... أصاخَ له يُصيخُ إصاخة: استمع وأنصت (اللسان، مادة: صيخ).
(٤)... تفسير مقاتل (٣/١١٦).
(١/٤٧١)