فإن قيل: فما تصنع بقوله تعالى: ﴿إذ تسوّروا المحراب﴾ وما بعده، فإنه يدل على أنهم أكثر من اثنين؟
قلتُ: هو على مذهب من يجعل الاثنين جماعة.
وقال الزمخشري (١) : الخصْمُ: الخصماء، وهو يقع على الواحد والجمع؛ كالضيف. قال الله تعالى: ﴿حديث ضيف إبراهيم المكرمين﴾ [الذاريات: ٢٤] لأنه مصدر في أصله.
فإن قلت: هذا جمع، وقوله تعالى: "خصمان" تثنية، فكيف استقام ذلك؟
قلتُ: معنى "خصمان": فريقان خصمان، والدليل عليه قراءة من قرأ: "خصمان بغى بعضهم على بعض"، ونحوه: ﴿هذان خصمان اختصموا﴾.
فإن قلت: فما تصنع بقوله تعالى: ﴿إن هذا أخي له﴾ وهو دليلٌ على اثنين؟
قلتُ: هذا قول البعض المراد بقوله: بعضنا على بعض.
فإن قلت: فقد جاء في الرواية: أنه بعث إليه ملكان؟
قلتُ: معناه: أن التحاكم كان بين مَلَكين، ولا يمنع ذلك أن يصحبهما آخرون.
فإن قلت: فإذا كان التحاكم بين اثنين، فكيف سمّاهم جميعاً خَصْماً في قوله: ﴿نبأ الخصم﴾ و ﴿خصمان﴾ ؟
قلتُ: لما كان صحب كل واحد من المتحاكمين في صورة الخصم صحَّت التسمية به.

(١)... الكشاف (٤/٨٤-٨٥).
(١/٤٧٢)


الصفحة التالية
Icon