فإن قلت: بم انتصب "إذ"؟
قلتُ: لا يخلو إما أن ينتصب بـ"أتاك"، أو بالنبأ، أو بمحذوف، فلا يسوغ انتصابه بـ"أتاك"؛ لأن إتيان النبأ رسول الله - ﷺ - لا يقع إلا في عهده لا في عهد داود، ولا بالنبأ؛ لأن النبأ الواقع في عهد داود لا يصح إتيانه رسول الله - ﷺ -. وإن أردت بالنبأ: القصة في نفسها لم تكن ناصباً، فبقي أن ينتصب بمحذوف، وتقديره: وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم.
ويجوز أن ينتصب بـ"الخصم"؛ لما فيه من معنى الفعل.
وأما ["إذ"] (١) الثانية فبدل من الأولى.
ومعنى: ﴿تسوّروا المحراب﴾ تصعّدوا سُورَه، كما تقول: تَسَنَّمَه؛ إذ علا سَنَامَه، وتذرَّاهُ؛ إذا عَلاَ ذُرْوَته.
وقد ذكرنا "المحراب" في آل عمران (٢).
إذ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (٢٢) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نعاجه وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) (٢٤)
(٢)... عند الآية رقم: ٣٧.
(١/٤٧٣)