لهم: هل لكم في رجل يكون معكم يعينكم وترضخون له من صيدكم، وكُلٌّ يأتيه الله تعالى برزقه، فقالوا: قد انقطع عنا الصيد، وليس عندنا فضل نعطيكه، فمضى إلى غيرهم فقال لهم مثل هذه المقالة، فقالوا له: نعم وكرامة، نواسيك بما عندنا، فأقام معهم يختلف كل ليلة إلى أهله بما أصاب من الصيد، حتى أنكر الناس قضاء سليمان وفعاله، فلما رأى الخبيث أن الناس قد فطنوا له انطلق بالخاتم فألقاه في البحر (١).
قال الحسن: أمسك الخاتم أربعين يوماً.
وروي: أنه قعد على كرسي سليمان، فاجتمع له الجن والإنس والشياطين وملك كل شيء يملكه سليمان، إلا أنه لم يُسَلَّط على نسائه، وخرج سليمان يسأل الناس ويتضيفهم، ويقوم على باب الرجل والمرأة ويقول: أطعموني فإني سليمان بن داود، فيطردونه ويقولون: ما يكفيك ما أنت فيه حتى تكذب على سليمان، وهذا سليمان على ملكه، حتى أصابه الجهد، واشتد عليه البلاء، فلما تمّ عليه أربعون يوماً قال آصف: يا معشر بني إسرائيل هل رأيتم من خلاف حكم ابن داود ما رأيت؟

(١)... هذه الروايات وغيرها من الروايات التي ذكرها المفسرون في فتنة سليمان النبي لم ترد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الصحيحة، فضلاً عما فيها من تناقضات ومخالفات تدل على عدم صحتها، ومن هنا فإننا لا نسلم بها. أما عن التناقضات في تلك الروايات التي معنا فنرى المصنف يذكر في رواية أولى أن سبب فتنة سليمان ما حدث في بيته من عبادة زوجته لصنم دون علمه، وفي رواية ثانية يذكر فيها أن صخراً المارد تمثل بصورة سليمان وأخذ الخاتم من زوجته، وفي رواية ثالثة يذكر فيها أن الشيطان ضحك على سليمان وأخذ خاتمه وألقاه في البحر فذهب ملك سليمان، فتلك وغيرها مما ذكره بعض المفسرين أقوال متناقضة ومن ثم لا يعتد بها جميعاً، كما أن فيها مخالفات لا تتمشى مع روح الآيات ولا مع نزاهة الأنبياء وعصمتهم.
(١/٤٩٢)


الصفحة التالية
Icon