الظرف يشبه الفعل، ألا ترى أنه قال: "عنده علم الساعة"، فجاء بالظرف وما ارتفع به، ثم قال: "وينزل الغيث"، فعطف الفعل والفاعل على الظرف وما ارتفع به، ومثله: ﴿نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع﴾ [المؤمنون: ٢١] فصدَّر بالفعل والفاعل، ثم عطف بالظرف، وأنشد:
نُقاسمُهُم أسيافَنَا شَرَّ قسمةٍ... ففينا غَواشيها وفيهمْ صُدُورُها (١)
فصدَّرَ بالفعل والفاعل، ثم أتى بالظرف وما ارتفع به.
ويجوز أن يكون التقدير: وأن ينزل الغيث، أي: عنده علم الساعة وإنزال الغيث، فحذف "أنْ" كقوله:
............ أحْضُر الوغى............................... (٢)
والمعنى: وينزل الغيث في زمانه ومكانه.
﴿ويعلم ما في الأرحام﴾ من ذكر أو أنثى، وتام وناقص، ومؤمن وكافر، وحسن وقبيح، وأبيض وأسود، إلى غير ذلك.
﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غداً﴾ من خير أو شر، وربما كانت عازمة على شيء فينقلب معكوساً، و"ماذا" ينتصب بقوله: "تكسب"، لا بقوله: "تدري"؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
(٢)... جزء من بيت لطرفة، وهو:
......... ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى...... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
... انظر: ديوانه (ص: ٣٢)، واللسان (مادة: أنن، دنا)، والبحر (٧/١٦٣)، والدر المصون (١/٢٧٥، ٥/٣٧٥)، والسبع الطوال (ص: ١٧٢)، والمقتضب (٢/١٣٤)، والهمع (١/٦)، والخزانة (١/١١٩).
(١/٧١)