﴿وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾ قال بعض العلماء: كم من نفس أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت: لا أبرح أو أقبر فيها، فترمي بها مرامي القدر حتى تموت في مكان لم يخطر ببالها ولا حدثتها بها ظنونها.
ويروى: أن مَلَكَ الموت عليه السلام مرّ على سليمان عليه السلام، فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه، فقال الرجل: من هذا؟ قال: ملك الموت، قال: [فكأنه] (١) يريدني، وسأل سليمان أن يحمله على الريح وتلقيه ببلاد الهند، ففعل، ثم قال ملك الموت لسليمان: كان دوام نظري إليه تعجباً فيه لأني أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك (٢).
وفي الحديث عن النبي - ﷺ -: " إذا أراد الله عز وجل قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة فلم ينته حتى يقدمها، ثم قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿إن الله عنده علم الساعة﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾ " (٣).
وقال هلال بن يساف: ما من مولود يولد إلا وفي سرته من تربة الأرض التي يدفن فيها (٤).
فإن قيل: الأرض مؤنثة فكيف قال: "بأي أرض"؟
قلت: أراد بالأرض: المكان.

(١) في الأصل: فكا. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/٧٠ ح٣٤٢٦٨)، وأحمد في الزهد (ص: ٥٣).
(٣)... أخرجه الطبراني في الأوسط (٨/٢٠٦ ح٨٤١٢)، وابن أبي حاتم (٩/٣١٠٢). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/١٩٦) وعزاه للطبراني في الأوسط. وذكره السيوطي في الدر (٦/٥٣٢-٥٣٣) وعزاه للطيالسي وأحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات.
(٤)... ذكره الماوردي (٤/٣٥٠)، والمناوي في فيض القدير (٣/٥٣٣) وعزاه للدينوري في المجالس.
(١/٧٢)


الصفحة التالية
Icon