فمن قرأ بالضاد المعجمة؛ فقال قطرب (١) وغيره: معناه: غُيِّبْنا في الأرض، وأنشد قول النابغة:
وآبَ مُضِلُّوهُ بعينٍ جليَّة............................ (٢)
وقال أكثر المفسرين: المعنى: صِرْنا تراباً وذهبنا مختلطين بتراب الأرض لا نتميز منه (٣)، من قولهم: ضَلَّ الماء في اللبن.
ومن قرأهما بالصاد المهملة؛ فقال ابن جني (٤) : صَلَّ اللحم يَصِلُّ؛ إذا أَنْتَن (٥)، وَصَلَّ يَصَلّ أيضاً -بفتح الصاد-، والكسر في المضارع أقوى اللغتين.
وقيل: المعنى: صِرْنا من جنس الصَّلَّة، وهي الأرض اليابسة.
﴿أئنا لفي خلق جديد﴾ استفهام في معنى الإنكار.
وقد سبق القول في اختلاف القرّاء فيه، وأشرنا إلى العلة في ذلك.
قوله تعالى: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم﴾ أي: وُكِّلَ بقبض أرواحكم.
قال مجاهد: حُويَت الأرض لملك الموت وجعلت له مثل الطشت يتناول منها

(١)... انظر قول قطرب في: تفسير الماوردي (٤/٣٥٦).
(٢)... صدر بيت للنابغة الذبياني، وعجزه:
... "وغُودر بالجَولان حزمٌ ونائل". انظر: ديوانه (ص: ٩٠)، واللسان (مادة: ضلل، جلا)، والبحر (٧/١٩٥)، والدر المصون (٥/٣٩٦)، والماوردي (٤/٣٥٦)، والقرطبي (١٤/٩١)، والطبري (٣/٣٠٩)، وروح المعاني (٢١/١٢٤).
(٣)... ذكره الماوردي (٤/٣٥٦)، وابن الجوزي في زاد المسير (٦/٣٣٥).
(٤)... المحتسب (٢/١٧٤).
(٥)... انظر: اللسان (مادة: صلل).
(١/٨٠)


الصفحة التالية
Icon